حقق فيلم "جوكر" نجاحاً كبيراً، وتحول بفعل حالة الجدل التي أثارها إلى ظاهرة جديدة، إلا أن رسائل العنف التي يحتويها دفعت ضحايا حوادث إطلاق النار في أمريكا إلى إعلان شعورهم بالخوف من هذه النوعية من الأفلام، في رسائل تم إرسالها لشركة "وارنر برذرز" المنتجة للفيلم.
ومع تزايد عمليات العنف الجماعي في أمريكا خلال العامين الأخيرين، وتصدرها طاولات النقاش الاجتماعية والسياسية والفنية، استضاف برنامج "The Beat" بقناة "MSNBC" المخرج الأمريكي الأكثر جدلاً مايكل مور، للحديث حول ما تغير في الثقافة الأمريكية منذ عرض فيلمه "بولينج فور لكولومباين"، الذي أنتج عام 2002، وفاز بجائزة سيزر الفرنسية لأفضل فيلم أجنبي، كما فاز بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم وثائقي عام 2002.
ويلقي الفيلم الضوء على مذبحة مدرسة "كولمباين" الثانوية، التي وقعت عام 1999، عندما قام كل من إريك هاريس وديلان كليبولد، بفتح النار عشوائياً على أحد الفصول، مما تسبب في مقتل 12 طالباً ومدرساً ثم قام الاثنان بالانتحار.
وينطلق مايكل من هذه الحادثة التي وصفت بأنها أكثر حوادث المدارس دموية في تاريخ الولايات المتحدة، كنقطة للبحث في مسببات جرائم من ذلك النوع، ليتعمق في التنقيب عن ظاهرة انتشار الأسلحة في الولايات المتحدة، ويكشف الستار عن الأبعاد غير المنظورة لهذه الظاهرة.
وبحسب مجلة "هوليوود ريبورتر"، رد مايكل مور على سؤال مقدم البرنامج عن شعوره حيال الفيلم الآن، في ظل المناخ الاجتماعي والسياسي الحالي، قائلًا: "الشيء الأكثر حزناً هو أنني كنت أفكر في إنتاج هذا الفيلم مرة أخرى هذا العام، فالأمر لم يتغير كما كان قبل 17 عاماً"، مضيفاً: "لقد عشنا العشرات من عمليات إطلاق النار الجماعية".
وأضاف مور أنه "في أغسطس/أب، أسفر إطلاق النار الجماعي في مجمع إل باسو للتسوق عن مقتل 22 شخصاً وإصابة كثيرين آخرين، وبعد ساعات، قُتل 9 أشخاص وأصيب 26 على يد مسلح فتح النار في منطقة حياة ليلية شهيرة في دايتون بأوهايو، وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، قُتل 7 أشخاص وجرح 22 في أوديسا، تكساس".
ووفقًا لأرشيف "Gun Violence Archive"، وهي مؤسسة غير ربحية تتعقب الحوادث، فقد وقعت 339 عملية إطلاق نار جماعي في 2019 حتى الآن، وفقًا لما حددته وزارة العدل، ويسفر إطلاق النار الجماعي عن 3 حالات وفاة أو أكثر في عملية واحدة.
وبالنظر إلى ما تغير في المجتمع الأمريكي، قال مور إنه على الرغم من وجود ثقافة الخوف، فإنه يشعر أن الكثير من الناس قرروا أن يكونوا أقل خوفاً، وأن ذلك يتجلى من خلال عدد أقل من الأسر التي تمتلك أسلحة، مشيراً إلى أن 78% من الأمريكيين لا يملكون أسلحة.
وتحدث "مور" عن القضايا الأكبر التي أثيرت في الفيلم، مثل طرح الأسئلة الأساسية من نوعية: من نحن نحن كأشخاص؟، ولماذا نفعل هذا؟، ولماذا نطلق النار على بعضنا البعض؟.
وأشار "مور" باعتباره عضوا في "NRA" الجمعية الوطنية للبنادق، إلى أنه يعرف مفهوم الدفاع عن النفس، وضرورة الصيد، بل وحصل على جائزة عندما كان مراهقاً بالكشافة، لكنه كرجل أبيض عمره أكثر من 50 عاماً يتفهم أيضًا الكراهية والغضب اللذين يظهرهما الناس عندما يكونون خائفين، لافتاً إلى أنه شاهد رجالاً يبغضون النساء أو اللاجئين، أو أولئك الذين ينتمون إلى أعراق أخرى، ويود أن يقول لهم: "سيكون الأمر على ما يرام، وأنه يمكن أن تكون هناك مصالحة ومغفرة".
وتطلعاً إلى تنظيم استخدام السلاح قال "مور" إنه يجب إقرار التشريعات، وفحص هذه المشكلات المتأصلة في الثقافة الأمريكية، مشيراً إلى أن هناك مشاكل مع الجريمة في بلدان أخرى مثل كندا، ولكن ليس بصورة شهرية أو أسبوعية أو يومية، مضيفاً: "هناك شيء في الحمض النووي الأمريكي يجعلنا خائفين للغاية".
د.ت